في أجواء مليئة بالنفحات الإيمانية، تتألق المساجد التاريخية في مصر طوال شهر رمضان المبارك، خاصة في مدينة القاهرة الشهيرة بمدينة الألف مئذنة، وتبقى مفعمة بعبق التاريخ العريق منذ دخولها الإسلام إلى أرض كنعان.

سلطت وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا) الضوء على الأجواء الروحانية التي تسود مساجد مصر التاريخية خلال شهر رمضان المبارك، قائلة إن المساجد التاريخية في مصر تظل على مر العصور دليلا على تعلق المصريين بها، خاصة في البلاد. شهر رمضان المبارك، حيث تشتاق القلوب… إلى هذه المساجد العطرة، سواء أثناء جلسات قراءة القرآن نهاراً أو أثناء صلاة التروية والتهجد ليلاً.

ومن هذه المساجد التاريخية يبرز مسجد عمرو بن العاص الذي أسسه الصديق الكبير عمرو بن العاص عام 20م – 641م بعد فتح مصر، وظل منذ ذلك التاريخ من المساجد يستقبل المصلين. طوال شهر رمضان المبارك، لما له من رمزية تاريخية مهمة، كونه أول مسجد أنشئ في مصر وإفريقيا، ويقع في قلب مدينة الفسطاط، أول عاصمة إسلامية لمصر، وكان يعرف أيضًا باسم الفسطاط. – مسجد الفتح والمسجد القديم وتاج المساجد، كما كان مركزاً للحكم ونواة لنشر الدين الإسلامي إلى جانب مساجد أخرى حظيت بالهيبة والاهتمام عند المصريين مثل مسجد أحمد بن طولون والجامع الأزهر الذي بناه المصريون. القائد جوهر الصقيلي في عهد الدولة الفاطمية بأمر المعز لدين الله الفاطمي وكذلك مساجد السيدة زينب والسيدة نفيسة والرفاعي والسلطان حسن والناصر محمد ب . مهرج.

وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد الكحلاوي رئيس المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب لوكالة الأنباء القطرية (قنا) إن تعلق المصريين بالمساجد العالمية في شهر رمضان المبارك وتأثرهم بها وإحياء لياليها المباركة فيها نابع من تقديرهم العالي لدور هذه المساجد العالمية أو مساجد الأحياء، مثل مسجد عمر بن العاص، الذي له مكانة خاصة لأنه أنشأته المجتمعات أو يستمر وكانت هذه المساجد تُعرف أيضًا باسم المساجد “العمرية”، نسبةً إلى عمر بن الخطاب صاحب “الفت”، أو مساجد رجال العلم الذين كانوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أعطه السلام.

ويشير الكحلاوي إلى أن تعلق المصريين بهذه المساجد التاريخية القديمة يتجسد إلى حد كبير في مسجد عمرو بن العاص، الذي يحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين خلال شهر رمضان المبارك، ويشهد لكثرة معدلات مشاركة المصلين على مر الأجيال، وفقا لما اعتادوا ملاحظته، مشيرا إلى أن المصريين ورثوا هذه العادة الطيبة من الفتح الإسلامي وعصر الفتوحات الإسلامية.

وفي السياق نفسه، قال الدكتور أيمن فؤاد سعيد، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن المساجد التاريخية القديمة في مصر، وخاصة في مدينة القاهرة، اكتسبت أهمية خاصة بين المسلمين. المصريون، خاصة في شهر رمضان المبارك، ومن أبرزهم وأقدمهم، مسجد عمرو بن العاص، حيث لعب هذا المسجد دورًا بارزًا في مهد التاريخ الإسلامي في مصر، إلى جانب مسجد أحمد بن طولون في مصر مدينة الكطائي العاصمة التي بناها ابن طولون والتي لا تزال محتفظة بكامل تخطيطها ومبانيها، بالإضافة إلى الجامع الأزهر الذي أسسه الفاطميون تحت مسمى مسجد القاهرة، قبل تسميته فيما بعد، تغير في القرن الخامس الميلادي إلى الجامع الأزهر.

ويضيف الدكتور أيمن فؤاد سيد أن تعلق المصريين بهذه المساجد بدأ منذ الفترات الأولى للاحتلال الإسلامي، حيث كان مسجد عمرو بن العاص مركزا للتعليم، قبل المدارس مثل مدرسة السلطان حسن، البيس ظاهر براك، ومدرسة “الأنصار محمد بن دوم” أقيمتا في العصرين الأيوبي والمملوكي. ويشير كلفان إلى أن هذه المدارس تقع في شارع المعز بالقرب من مسجد دين الله الفاطمي على وجه الخصوص، حيث انتقل دور تقديم العلم فيما بعد من المساجد التاريخية إليها.

من جانبه قال الدكتور جمعة عبد المقصود أستاذ ترميم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة لوكالة الأنباء القطرية (قنا) إن السر وراء تعلق المصريين بهذه المساجد في شهر رمضان المبارك يعود إلى لقيمتها التاريخية، بالإضافة إلى احتضانها خلال الشهر الفضيل للدعاة والأئمة الذين يحملون أصواتًا فريدة في تلاوات القرآن الكريم، مما يزيد من شوق المصريين لإقامة صلواتهم بها، خاصة صلاة التروية والتجويد، والتي تتألق بها هذه المساجد طوال شهر رمضان المبارك.

ويضيف عبد المقصود، أن الأجواء الروحانية التي يشعر بها المصلون في هذه المساجد التاريخية، تنبع من دورها المهم في تثبيت أركان هذا الدين، منذ إنشاء مسجد عمرو بن العاص كأول مسجد بني مع الفتح الإسلامي لمصر. أهمية هذا المسجد وغيره من المساجد التاريخية لا تتوقف عن الوجود. وتشكل قيمتها التاريخية والمعمارية والفنية عامل جذب مهم للزوار من جميع أنحاء العالم الإسلامي على مدار العام.

وعلى غرار مسجد عمرو بن العاص، يشير الدكتور جمعة عبد المقصود إلى أن الجامع الأزهر يتمتع بمكانة خاصة لدى المصريين خلال شهر رمضان المبارك، نظرا لدوره العريق وروحانيته الضاربة في أعماق التاريخ. ولأنها جامعة وجامعة، كان لها تأثير واضح على حياة المصريين وهويتهم، وكذلك من حيث التعليم ودروس العلوم والدروس العلمية التي كانت ولا تزال تدرس هناك.

وإلى جانب هذا الدور المهم للمساجد التاريخية في مصر في نشر المعرفة، قال الدكتور محمد الورداني، أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، إن دور المساجد في مصر خلال شهر رمضان المبارك تتوسع الشعائر والأجواء الروحانية التي تتسم بالألفة والمودة، ومن بينها – على سبيل المثال – يستضيف الجامع الأزهر إفطار آلاف الصائمين يوميا، وخاصة الطلاب الدوليين، بالإضافة إلى الاستمتاع بسماع القرآن الكريم، وروائح دروس العلم التي تجول في أروقتها طوال اليوم.

ويضيف الدكتور محمد ورداني أن أروقة المساجد في مصر استوحت أجواء روحانية مماثلة خلال شهر رمضان المبارك من الجامع الأزهر والمساجد التاريخية القديمة، كما تضمنت مسابقات القرآن الكريم خاصة بين الأطفال. تعزيز فكرة القدوة الحسنة، والاقتداء بسبل الصالحين، والتعرف على علوم القرآن وتفسيره، ليكون هذا الشهر الكريم فرصة لتتجدد روح الإيمان العطرة كل عام.

وفي ظل هذه الروح الإيمانية المتجددة في شهر رمضان المبارك، ظل دور المساجد التاريخية في مصر منارة ساطعة عبر الأجيال لنشر الدين والحفاظ على الهوية، منذ تأسيس عمرو بن العاص. – مسجد العاص في مدينة ليف الفسطاط، أول عاصمة إسلامية لمصر، وصولاً إلى القاهرة “مدينة الألف”. المئذنة التي من قلب مسجد نشر فقه هذا الدين لمختلف طوائفه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، حيث لا تزال جدران هذه المساجد شاهدة على سيرة علمائها المتميزين الذين ملأوا الأرض علماً في مختلف الأماكن.