بينما لا تزال آلاف الجثث مدفونة تحت أنقاض المباني المدمرة شمال قطاع غزة نتيجة الهجمات الإسرائيلية على القطاع وتدمير المباني والبنية التحتية له، إلا أن المخاوف من انتشار الأوبئة والكوارث البيئية والصحية تزايدت بدأت. ملاحقة من بقي على قيد الحياة في شمال القطاع، أو من يتواجد في الوسط والجنوب بسبب انتقال الأوبئة بشكل خاص. دون أن تقوم فرق طبية بدفن الجثث أو وضعها في ثلاجات المستشفيات.

ومن الناحية الطبية، فإن الروائح المنبعثة من الجثث، بسبب الرطوبة وهطول الأمطار، يمكن أن تسبب أمراضا معدية وبائية، خاصة الكوليرا، بحسب ما أكد أكثر من مصدر طبي في لبنان لسكاي نيوز عربية.

ويعيش في شمال غزة نحو 800 ألف نسمة، يضمون نحو 152 ألف أسرة، بعد أن عاش فيها نحو 1.2 مليون فلسطيني، نزح منهم 400 ألف إلى محافظتي وسط وجنوب القطاع.

وأفادت وسائل إعلام نقلا عن سكان شمال قطاع غزة رفضوا الخروج منه، أن “الجثث المتحللة تملأ الشوارع، وتمنع سيارات الإسعاف والمواد الغذائية والمياه من الدخول”.

ماذا يقول الخبراء؟

وقال جاك محبات، عالم البكتيريا في بيروت، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن “الجثث التي خلفتها الحروب والكوارث الطبيعية عادة لا تشكل مخاطر كبيرة إلا في حالات معينة”.

وأضاف: “التحلل يحدث على الجثة بعد فترة من الزمن، وهذا سببه بكتيريا موجودة بالفعل في جسد صاحب الجثة وليست بالضرورة بكتيريا وبائية خطيرة”.

وقال مخباط: “الخطورة تكمن في تسرب الدم والسوائل من الجسم إلى المياه الجوفية، خاصة إذا أصيب صاحبه قبل وفاته بوباء مثل الكوليرا أو الإيدز أو السل أو اليرقان أو غيرها من الأمراض الفيروسية المعدية”.

وتابع: “البكتيريا التي تكونت في الجثة تختفي بعد ثلاثة أيام من الوفاة”.

وشدد مخباط على “الانتباه إلى مخاطر وجود الجثث المتحللة بالقرب من شبكات الصرف الصحي وأنابيب مياه الشرب”.

وأضاف: “بعد انتشار الجثث في الشوارع، من الطبيعي أن تتكاثر القوارض، وخاصة الفئران”.

وأوضح: “هنا تكمن الخطورة إذا صادف أن الفئران تحمل بكتيريا الطاعون التي تتغذى عليها البراغيث والحشرات، وتنتقل منها بعد ملامستها للحشرة، وخاصة البراغيث، إلى الإنسان في حال ملامستها لها”. هو – هي.”

واختتم: “في نهاية المطاف، ستجف الجثث وتتصلب بعد انتهاء مرحلة الشم والتحلل”، لافتا إلى أن “الأمر ينطبق أيضا على جثث الحيوانات الأليفة التي تعيش مع البشر”.

الاحتباس الحرارى

بدوره، جدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، تحذيره من وقوع كارثة صحية في قطاع غزة، قائلا في تصريحات سابقة إن “الظروف المعيشية الحالية في قطاع غزة ونقص الخدمات الصحية قد تسبب أمراضاً ستودي بحياة عدد أكبر من الذين قتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة”.

وأكد أن “هناك الآن حاجة ملحة لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، لأن الأمر أصبح مسألة حياة أو موت بالنسبة للمدنيين”.

كارثة نفسية

وقال الطبيب النفسي نقولا رزق لسكاي نيوز عربية إن “الأضرار النفسية الناجمة عن وجود الجثث المتحللة في الشوارع، وخاصة في شمال غزة، موجودة بنسبة عالية”.

وأضاف أن “الضرر يأتي من عدم القدرة على دفن الجثث، خاصة أنه من المعروف أن جثمان المتوفى يتم دفنه حفاظا على صورته الراسخة في ذاكرة أهله ومن حوله”.

وتابع: “من الطبيعي أن يدرك الذين بقوا اليوم في شمال غزة أن الرائحة التي تنبعث من حولهم هي لأهلهم أو قد تكون لأصدقائهم، وبالتالي، إذا لم يتمكنوا من دفن الجثث، فإن هؤلاء الناس سيشعرون بحزنهم”. “، وربما تكون مخصصة للأشخاص المقربين منهم، كما أنها ستعرضهم لاضطرابات نفسية كبيرة إذا كانوا على علاقة”. “قريب من صاحبها أم لا.”

وأضاف: “ترك هذه الجثث في العراء سيخلق مشاعر الغضب لدى الأهالي الذين ما زالوا يعيشون في المنطقة القريبة جغرافياً بسبب عدم قدرتهم على دفن هذه الجثث، وسيشعرون بالصراع النفسي والذنب والندم المستمر”.

وتابع رزق: “أما الأشخاص الذين يتابعون مشاهد الجثث عن بعد، أي عبر منصات التواصل الاجتماعي، فالكارثة ستكون أكبر لأن المشاهد سيظل ينظر إلى الصور لفترة أطول”.

واختتم: “من المؤسف أن نشر صور الجثث المتحللة على مواقع التواصل الاجتماعي ينفي حرمة الموت للموتى، ويبيح كل شيء، والأخطر من ذلك أنه يحول التعاطف إلى نوع من القرف والاشمئزاز”.