في عام 1958، كان المهندس عبد العزيز سالم، مؤسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، في طريقه إلى المطار في رحلة عمل إلى سويسرا، وتحديدا إلى مدينة زيوريخ، لحضور اجتماع للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وكان عند باب الطائرة حيث عثر على جندي يحمل “ماسنجر” يحمل اسم المشير عبد الحكيم عامر”. وقيل: نشكر “عبد العزيز” على جهوده في دعم الكرة المصرية، مع توضيح أنه ليس عليه السفر إلى زيورخ”. وسيتم انتخاب ممثل من مصر للمشاركة في الاجتماع.

وقبل ذلك اليوم بحوالي 5 سنوات، تولى المهندس عبد العزيز سالم مسؤولية تأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، فسافر إلى المدن الأفريقية وسويسرا، وجال هنا وهناك، وبعد محاولات مضنية نجح في تأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. تنطلق أول بطولة أمم أفريقية بالاعتماد على… 3 منتخبات فقط.

بدأ الحلم قبل ذلك بكثير، حوالي 40 عاما أو نحو ذلك، عندما كان عبد العزيز، الذي ولد في قرية أبو كبير بمحافظة الشرقية، يحب الرياضة، وخاصة كرة القدم، التي استحوذت على روحه وعقله، وكان حلمه الأكبر هو التواجد في أفريقيا. . بطولته الخاصة وكرة القدم التي ستميزه عن الآخرين، وبعيدًا عن ذلك، أراد تغيير النظرة الأوروبية لأفريقيا، لكن الطريق لم يكن معبدًا بالورود.

استنادًا إلى مذكرات عبد العزيز سالم غير المنشورة سابقًا، يروي لنا حفيده عزيز مدكور كيف بدأ الحلم ونما في عقل وقلب جده عبد العزيز سالم.

وفي حواره لـ«المصري اليوم»، يروي الحفيد عزيز مدكور كواليس افتتاح أول اتحاد أفريقي لكرة القدم ومن ثم تأسيس أول دولة إفريقية عرفتها القارة منذ 1954: «جدي عبد العزيز، أحب الرياضة، وعرف الطريق إلى كل الألعاب الرياضية، واستحوذت كرة القدم على اهتمامه الأكبر “. التحق بمدارس أبو كبير في المرحلة الابتدائية وانتقل إلى الزقازيق في المرحلة الثانوية، حيث وضع حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم ، وأن يهتف الجمهور باسمه. أنهى دراسته الثانوية وانتقل إلى القاهرة ليكون طالبًا في فريق كرة القدم بكلية الزراعة. وهناك عرف حلمه وفهم ما يريد. لكن القدر كان له رأي مختلف: عبد العزيز كان يمتلك دراجة نارية خلال سنوات دراسته الجامعية، وأثناء سيره في ميدان التحرير أصيب في اصطدام في الركبة، أنهى حلمه في مواصلة مسيرته الرياضية.

من مذكرات «عبدالعزيز سالم» مؤسس الاتحاد الإفريقي.. تحمل تكلفة كأس أمم إفريقيا.. وأزاحه عبدالحكيم عامر27/01/2024المهندس عبد العزيز سالم مؤسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وبطولة أمم أفريقيامن مذكرات «عبدالعزيز سالم» مؤسس الاتحاد الإفريقي.. تحمل تكلفة كأس أمم إفريقيا.. وأزاحه عبدالحكيم عامر27/01/2024

ولم تكن كرة القدم هي اهتمامه الوحيد. وكان يعلم جيداً أن التعليم هو وسيلة لتحقيق المزيد من النجاح في عالم الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص. لذلك، بعد أن أنهى دراسته في المدرسة الزراعية بالقاهرة، سافر إلى الخارج لإكمال دراسته وبدء رحلة جديدة في عالم المناصب الإدارية بوزارة الزراعة، لكن حلمه وحماسه لكرة القدم لم يتلاشى حتى لمدة عام. لحظة.

ويقول الحفيد عزيز مدكور: «مرت الأيام، وانغمس المهندس الزراعي عبد العزيز سالم في عالم المناصب الحكومية وعرف طريق النجاح، فتابع ذلك، لكن اهتمامه بالرياضة وكرة القدم كان مشرقا بقدر ما كان عليه». كان في بداية حياته، إلى أن بدأت الفكرة تتشكل في ذهنه في عام 1953، وكان السؤال يدور في رأسه كل صباح: لماذا لا يوجد في أفريقيا اتحاد لكرة القدم وبطولة لكرة القدم تنبثق عنها من أجل أفريقيا؟ القارة الإفريقية؟أدرك حينها أن الخطوة الأولى في البحث عن الدول الإفريقية التي ترحب بالفكرة، لكن الأزمة الكبيرة تتمثل في قواعد الفيفا: “لا”. يتم قبول الدول المستعمرة في قائمة الفيفا.” وقتها عانت الدول الإفريقية من الاستعمار، ولم تكن رياح التغيير قد وصلت إليها بعد، لم يكن هناك سوى مصر والسودان وإثيوبيا وجنوب أفريقيا، وكانت الأخيرة تعاني من العصية القاتلة، فكان وجودها مهددا دائما.

وفي زيوريخ كانت تلك هي الخطوة التالية نحو تحقيق الحلم. هناك الفيفا وهو حاكم عالم كرة القدم، وبعد محادثات وجولات هنا وهناك، تقرر أن يتوجه “عبد العزيز سالم” إلى الفيفا لمطالبته بالعمل على إنشاء الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. وكان رئيس الفيفا – في ذلك الوقت. – ستانلي روز، في البداية رفض الطلب دون النظر فيه، حيث لم يكن هناك سوى 4 دول، بما في ذلك دولة بها علامات استفهام كثيرة – جنوب أفريقيا – بالإضافة إلى ازدراء الدولة. الأوروبيون بالنسبة للأفارقة، كانت الصورة الذهنية سيئة للغاية في نظر الأوروبيين، وكذلك بالنسبة للأفارقة… فهم يعيشون في الغابات ويتسلقون الأشجار ولا يصلحون للعب كرة القدم أو الجمباز بأي شكل من الأشكال.

لكن ذلك لم يردع عبد العزيز الذي كان مصمماً على تحقيق حلمه، فكان الطلب يقدم عاماً بعد عام، وبعد ما يقرب من 3 سنوات من المحاولات، نجح عبد العزيز أخيراً في تحقيق حلمه، فهو وجماعة يؤمنون بحق أفريقيا في لهم بطولة خاصة واتحاد خاص (الاتحاد السوداني عبد الحميد محمد والكابتن محمد لطيف ومراد فهمي وهادي كروان).

من مذكرات «عبدالعزيز سالم» مؤسس الاتحاد الإفريقي.. تحمل تكلفة كأس أمم إفريقيا.. وأزاحه عبدالحكيم عامر27/01/2024المهندس عبد العزيز سالم مؤسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وبطولة أمم أفريقيامن مذكرات «عبدالعزيز سالم» مؤسس الاتحاد الإفريقي.. تحمل تكلفة كأس أمم إفريقيا.. وأزاحه عبدالحكيم عامر27/01/2024

من مذكرات عبد العزيز سالم: “الخطوة التي أعقبت تأسيس الاتحاد كانت إقامة أول بطولة أفريقية لكرة القدم، فكانت هذه هي الخطوة التالية لإقامة البطولة، وشاركت فيها ثلاث دول فقط (السودان ومصر وإثيوبيا) في النسخة الأولى من البطولة في فبراير 1957. حيث تقام التصفيات المؤهلة للمسابقة، ثم تمت دعوة جنوب أفريقيا للمشاركة في النسخة الأولى من كأس الأمم الأفريقية عام 1957، إلا أن دعوتها ألغيت فيما بعد نتيجة قوانين الفصل العنصري. وأقيمت النسخة الأولى من بطولة كأس الأمم الأفريقية في السودان عام 1957، وتمكن المنتخب المصري من تحقيق لقب البطولة بفوزه على السودان وإثيوبيا.

يروي الحفيد عزيز مدكور كواليس بطولة كأس أفريقيا الأولى: “قبل بدء البطولة، كان لا بد من وجود كأس خاص للبطولة، ولضيق الوقت وقلة الخبرة لإعداد الكأس. بالنسبة لبطولة كرة قدم، جده قرر شراء أول كأس أمم أفريقية من حسابه”. ثم طلب من أحد مساعديه الذهاب إلى متجر “شيفيلد” الإنجليزي الواقع في وسط البلاد، لتكون أول كأس أفريقية تصنع في إنجلترا.

من مذكرات «عبدالعزيز سالم» مؤسس الاتحاد الإفريقي.. تحمل تكلفة كأس أمم إفريقيا.. وأزاحه عبدالحكيم عامر27/01/2024المهندس عبد العزيز سالم مؤسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وبطولة أمم أفريقيامن مذكرات «عبدالعزيز سالم» مؤسس الاتحاد الإفريقي.. تحمل تكلفة كأس أمم إفريقيا.. وأزاحه عبدالحكيم عامر27/01/2024

وكان الجو السياسي في ذلك الوقت في أعلى درجات الغليان، وكان الضباط الأحرار يضعون أيديهم على كل ما يرونه بأعينهم أو يسمعونه بآذانهم. ويقول مدكور: “يبدو أن المشير عبد الحكيم عامر أراد لرئاسة الاتحاد الأفريقي ألا تخرج عن عباءة شعبه، فكان قرار إقالة سيبي من منصبه كمشير على باب الطائرة المتجهة إلى زيورخ في 1958 لحضور اجتماع للفيفا، لذلك سيتنحى سيبي جانبًا ليترك الطريق ممهد لما يلي”.

وفي الستينيات قرر “عبد العزيز سالم” أن يكتب مذكراته الخاصة عن رحلته لتأسيس أول اتحاد أفريقي لكرة القدم. وبعد أن انتهى من كتابتها، تلقى رسالة مبطنة تحتوي على تهديد في حالة نشر هذه الذكريات وطرحها للعامة. ومنذ ذلك الحين، لم تُرَ ذكريات “عبد العزيز سالم”. النور أبدي.